السؤال
اشتغلتُ في شركة تعمل في مجال الإعلام والبحث، وتندرج تحتها مجموعة من الشركات المتخصّصة في الاقتصاد، والأخبار، والأزياء.
قنوات الاقتصاد والأخبار تُبثّ عبر التلفاز، أما قسم الأزياء، فهو يُنتج مجلات تُعنى بالموضة، موجهة للنساء (وغالبًا ما تُنشر فيها صور نساء متبرّجات) وللرجال أيضًا.
أنا أعمل في الشركة كمبرمج، ولا علاقة لي مباشرةً بالقنوات أو المجلات. فهل يكون راتبي مُحرّمًا بسبب طبيعة بعض أنشطة الشركة؟
توضيح: طبيعة عملي تقتصر على حلّ المشكلات المرتبطة بالنظام المحاسبي الذي تستخدمه الشركة؛ فمثلًا، إذا أراد أحد الأقسام شراء شيء ما، كأوراق لطباعة مجلات الأزياء، فعليهم تنفيذ العملية عبر النظام، وأنا أساعدهم في كيفية استخدامه.
دوري أشبه بالدعم الفني لتنفيذ طلباتهم داخل النظام، وراتبي يُصرف من الإيرادات العامة المجمّعة لجميع الشركات التابعة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجلات الأزياء ونحوها مما يحتوي على منكرات ومحاذير شرعية، لا يجوز العمل فيها، ولا الإعانة على طبعها ونشرها، وراجع في ذلك الفتاوى: 124276، 151493، 71352.
وكذا ما كان حرامًا من أعمال الشركة، فلا تجوز المشاركة فيه، ولا الإعانة على ما يخصه.
قال المازري في المعلم بفوائد مسلم: المعونة على ما لا يحل، لا تحل، وقال الله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} وقد جعل الدال على الخير كفاعله، وهكذا الدال على الشر كفاعله. اهـ.
وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: المعونة على معاصي الله، وما يكرهه الله، للمعين عليها من الوزر، والإثم مثل ما لعاملها، ولذلك نهى الرسول عن بيع السيوف في الفتنة، ولعن عاصر الخمر، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وكذلك سائر أعمال الفجور. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثمًا؛ لأنه أعان على الإثم، والعدوان، ولهذا لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء، كالعاصر، والحامل، والساقي، إنما هم يعاونون على شربها. اهـ.
وأمّا غير ذلك من الأعمال المباحة للشركة، فلا حرج فيه.
وعلى ذلك؛ فإن استطاع السائل أن يتجنب مباشرة الدعم الفني للأعمال المحرمة بخصوصها، فلا حرج عليه في عمله في الشركة، ولا في راتبه منها، فإن النقود لا تتعين بالتعيين.
وأمّا إن لزم من عمله فيها مباشرة دعم ما يخص الأعمال المحرمة، فلا يجوز له العمل فيها.
والله أعلم.