
بينما يقف الفلسطيني شامخًا في أرضه، مثله مثل أشجار الزيتون العتيقة، تستمر آلة الاحتلال الإسرائيلي في محاولاتها القبيحة لاجتثاث كل رموز الصمود.
ولعل واحدة من أفظع جرائم الاحتلال، والتي لا يتوقف التاريخ عن تسجيلها، هي العدوان المتواصل على أشجار الزيتون في فلسطين.
في الأرض المباركة، حيث نزلت الرسالات، وغرست جذور الحضارات، تحولت شجرة الزيتون – رمز السلام والبركة – إلى هدفٍ مباشر لاعتداءات لا تنتهي.
الزيتون الفلسطيني... تاريخ وجذور راسخة
شجرة الزيتون ليست مجرد نبات في فلسطين. إنها جزء من الهوية، عنوان للأرض، ورمز للبقاء. كثير من الأشجار تمتد أعمارها إلى مئات، بل آلاف السنين، شاهدة على حضارات متعاقبة وعلى مقاومة مستمرة.
قال الله تعالى:
{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. وَطُورِ سِينِينَ. وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} (التيتن: 1-3).
ولم يُقسم الله بالزيتون إلا لعظيم قدره ومنافعه.
حرب على الذاكرة
منذ احتلال فلسطين عام 1948 وحتى اليوم، لم تتوقف آلة التدمير الإسرائيلية عن اقتلاع أشجار الزيتون وحرقها وتدميرها.
الهجوم ليس فقط على جذع الشجرة، بل على الجذور العميقة التي تربط الإنسان الفلسطيني بأرضه.
كل شجرة زيتون تعني تاريخًا وصمودًا وحقًا، ولذلك فإن الاحتلال يستهدفها بوحشية.
وسائل الاعتداء
• اقتلاع الأشجار بالجرافات بحجة توسيع المستوطنات أو إنشاء طرق التفافية.
• حرق بساتين الزيتون بشكل متعمد خلال موسم القطاف، في محاولة لإضعاف الاقتصاد الفلسطيني.
• رش المواد الكيميائية السامة على الأشجار لتدميرها بشكل بطيء دون لفت الانتباه الدولي.
• قطع الأشجار من قبل المستوطنين تحت حماية جيش الاحتلال.
• سرقة ثمار الزيتون من قبل المستوطنين خلال موسم الحصاد، كنوع من السطو على جهود الفلاحين الفلسطينيين.
أرقام صادمة
وفق تقارير منظمات حقوق الإنسان، قام الاحتلال ومستوطنوه باقتلاع أو تدمير أكثر من مليون شجرة زيتون منذ بداية الاحتلال.
وفي السنوات الأخيرة، يتم الإبلاغ عن مئات الحوادث سنويًا التي استهدفت بساتين الزيتون تحديدًا في مناطق مثل نابلس، الخليل، ورام الله.
يُعد موسم قطف الزيتون الأكثر تعرضًا للهجمات، حيث تسجل سنويًا مئات الاعتداءات على المزارعين وأشجارهم خلال هذه الفترة.
لماذا أشجار الزيتون؟
• لأنه رمز التمسك بالأرض.
• لأنه يمثل مصدر رزق أساسي لآلاف الأسر الفلسطينية.
• لأن بقاءه يعني بقاء الشاهد الحي على هوية الأرض الفلسطينية.
ولذلك، فإن العدوان عليه هو جزء من محاولة محو الهوية، وتجريد الأرض من أصحابها الأصليين.
الزيتون يقاوم
في وجه هذه العداوة الهمجية، يواصل الفلاحون الفلسطينيون تحدي الاحتلال بزراعة المزيد من أشجار الزيتون كل عام.
إنها معركة كرامة متجددة، كل غصن أخضر يغرسونه هو رسالة صامتة للعالم أن هذه الأرض لهم، وستبقى لهم.
مهما حاول الاحتلال اقتلاع الزيتون، فإن روح الصمود الفلسطينية أعمق جذورًا من أن تُقتلع.
شجرة الزيتون ستبقى شامخة، تمد أغصانها إلى السماء، وتغرس جذورها في الأرض الطاهرة، شاهدة على ظلم محتل وغدر مستوطن... وعلى شعب لا يعرف الانكسار.