الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مجاراة المقصرين في أداء أعمالهم غير مباح

السؤال

أعمل في شركة خاصة بدوام يبلغ 40 ساعة أسبوعيًّا، وأتولى تشغيل آلة لصنع القطع الميكانيكية، أنا وزميل لي، حيث نداوم على هذه الآلة يوميًّا.
توفّر الشركة جهازًا يُمكّن جميع مسؤوليها من متابعة مراحل العمل والمدة الزمنية التي نستغرقها، أنا وزميلي، في صنع كل قطعة.
والمشكلة أن زميلي يستغلّ جهدي؛ فإذا اجتهدتُ في العمل تراخى هو، وإذا خفّفتُ من وتيرة عملي، زاد جهده قليلاً. وعندما أُبطئ في عملي لكي لا يستغلّ جهدي، أشعر كأنني أُخلّ بالأمانة. وهو في المقابل يتراخى، ليقوم بالعمل الشاق في وقت دوامي أنا.
وقد حاولت إبلاغ مديري المباشر بذلك، فأجابني: "كلٌّ يعمل ما يستطيع"، كما أخبرني أن الإدارة تعلم بحقيقة الوضع. فهل أكون مفرِّطًا في عملي إذا تراخيتُ؛ لأن مجهودي لا يصل إلى الشركة، بل يستغله زميلي؟ وهل إن عملتُ كما يعمل باقي العمّال -الذين أراهم متراخين ومقصرين- أُعدّ غاشًّا؟ وهل اتّباعي لعرف الشركة في طريقة العمل، رغم مخالفته لبعض بنود العقد، غشًّا؟
مع العلم أن الشركة راضية عن أدائي، وقد قامت بترقيتي وزيادة راتبي دون تملق مني أو تجسس، وإنما بناءً على ما تراه من اجتهادي. وهي أيضًا راضية عن المدة الزمنية التي نستغرقها في صنع القطع، رغم تقصير زميلي.
وللعلم: هذه الحرفة مطلوبة جدًّا، والشركات تجد صعوبة في إيجاد عمال، مما يجعلني أخشى أن تكون الشركة غير راضية، لكنها لا تُظهر ذلك خشية أن أتركها وأنتقل إلى شركة أخرى. وهذا هو السبب الرئيس في تراخي بقية العمال.
أفتونا، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالضابط الذي يحكم العمل، ويلزم الموظف، هو ما تقتضيه لوائح العمل ونظامه. ويرجع في معرفة ذلك وما قد يخفى على الموظف منه إلى جهة عمله؛ ليستفسر منهم عمّا يعتبر تقصيرًا وعمّا لا يعتبر، وما يؤذن له فيه، وما لا يؤذن له فيه، إلى غير ذلك من إجراءات ومعاملات.

وكون بعض العمال يقصّر في عمله ويتراخى ويتكاسل، فهذا لا يبيح للمرء مجاراته في ذلك، ففي الحديث عند الترمذي: لا تكونوا إِمَّعَةً، تقولون: إن أحسن الناس أحسنّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وَطِّنُوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا.

وإتقانك لعملك وإحسانك فيه مما يحمد لك، ففي الحديث: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه. أخرجه أبو يعلى، والطبراني.

فاحرص على ذلك، ولا تبال بتقصير صاحبك واستغلاله لنشاطك وإتقانك، فكل محاسب على عمله وأمانته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني